"رسالة في مخارج الحروف وصفاتها" للشيخ عبد الواحد بن إبراهيم المارغني (ت1399هـ/1979م)
اعتنى بها: أسامة بن العربي
دار الإمام ابن عرفة – تونس – ربيع الأنور 1440هـ / ديسمبر 2018م

 ممّا جاء في مقدِّمة المُعتني بها

《رسالة لطيفة، ضمّنها خُلاصةَ ما في "الفوائد المُفهِّمة"(*) و"تذييل النّجوم الطّوالِع"(**) متعلّقة بأهمّ بابيْن من أبواب التّجويد وهما: مخارج الحروف، وصفاتها، فمهّد بمقدّمةٍ حولَ الحروف العربيّةِ وعددِها، وعددِ مخارجِها وصفاتِها، ثمّ شرع في تعريفِ كلِّ مخرجٍ على حِدَةٍ، ناسبًا له حروفَه، وكذا فعَلَ مع صفاتِ الحروفِ، وأوْردَ تنبيهاتٍ مهمّةً يحتاجُها طالِبُ العلمِ المُبتدِئُ، ولا يستغني عنها المُنتهي، ثمّ ختم رسالتَه بإيرادِ جدولٍ مُلخِّصٍ لمخرجِ كُلِّ حرفٍ وصفاتِه المشهورةِ، وهو نفسُه الّذي وضعَه جدُّهُ في شرحه على الجزريّة.
وتكمُنُ أهمّيّة رسالةِ الشّيخ عبد الواحد المارغنيّ، إلى جانب أسلوبِها المُبسَّط وعرْضِها المُمَيَّز، في أنّها حسمتْ بعض المسائلِ الخلافيّة، من ذلك مبحث الغُنّة، حيث رجّحَ المؤلِّفُ الرّأيَ القائلَ بكونها صفةً مُطلَقًا، تبعًا لشيخِه ووالِدِه إبراهيم المارغنيّ، وجمهورِ المُحقّقينَ، خلافًا لجدّه ابن يالُوشَهْ وكذا الشّيخِ الشَّقانصِيِّ (ت1235هـ) (***) القائليْن بالتّفصيلِ، أو غيْرِهِما من القائلينَ بكونِها حرْفًا مُطلَقًا، ولِذا فهي تُعدُّ وثيقةً عزيزةً تضمّنتْ الحُجّةَ على إثباتِ ما استقرَّ عليه عملُ أهلِ تُونِسَ في كَوْنِ عددِ صفاتِ الحروفِ ثمانيةَ عشَرَ، بزيادةِ الغُنّةِ، لا سبعةَ عشَرَ، كما هو مذهبُ ابنِ الجزريّ (ت833هـ) ومن تَبِعَهُ.》
• وقد صدّرها مؤلِّفُها بقوله:
《الحمدُ للّه الّذي اختارَ اللغةَ العربيّةَ الفصحى لكلامِه القديمِ، المُنزَّلِ على مَنْ هيَ لهُ وهو سيّدُ أنبيائِه وخيْرُ خلْقِهِ وحبيبُه الكريمُ، وجعلَ من آياتِه الباهِرةِ اختلافَ الألسنة واللّغاتِ، وكونَها مُعتمِدةً على المخارج والصّفات، وفضّلَ على العجَمِ عربيَّ اللِّسانِ، كما فضَّلَ أهلَ العلمِ والإيمانِ، حمدًا يفضُلُ ويفوقُ حمْدَ الحامدينَ، كما فاقَ القُرآنُ سائرَ الكُتُبِ السّماويّةِ ونبيُّنا سائرَ الأنبياءِ والمُرْسَلينَ، والصّلاةُ والسّلامُ على سيِّدِنا وموْلانا مُحمَّدٍ أفْصَحِ الفًصَحاءِ وأجلِّ مَنْ نطقَ بالضّادِ، وعلى آلِه وصحْبِهِ وكُلِّ هادٍ...》
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) "الفوائد المُفهِّمة في شرح الجزريّة المُقدِّمة" لعلاّمة زمانِه وفخر أوانِه الشّيخ المُقرِئ محمّد بن عليّ بن يالُوشَه الشّريف (ت 1314هـ/1896م) المُدرِّس من الرّتبة الأولى وشيخ الإقراء بجامع الزّيتونة الأعظم. له من المؤلّفات المطبوعة إضافة إلى شرحه المذكور على الجزريّة: "تحرير الكلام في وقف حمزة وهشام" – "رسالة المقدَّم أداءً من أوجه الخلاف للقرّاء السبعة" – "رسالة في أحكام هاء الكناية للقرّاء السّبعة"...
(**) "النّجوم الطّوالع على الدّرر اللّوامع في أصل مقرإ الإمام نافع": للشّيخ العلاّمة المُقرئ إبراهيم بن أحمد بن سليمان المارغنيّ (ت1349هـ) شيخ قرّاء الزّيتونة في وقته، وهو شرح على منظومة الإمام أبي الحسن عليّ بن محمّد بن بَرّي (ت730هـ) في مقرإ الإمام نافع، طُبِع له في القراءات أيضا: رسالة "تُحفة المُقرئين والقارئين في بيان حكم جمْع القراءات في كلام ربّ العالمين" – رسالة "القول الأجلى فى كون البسملة من القرآن أو لا" – كتاب "دليل الحيران على مورد الظّمآن في فَنَّي الرّسم والضّبط"، وهو شرح لمنظومة محمّد الشّريشي الخرّاز الفاسيّ (ت718هـ)، وبهامشه كتاب آخر للشّيخ إبراهيم المارغنيّ، هو: "تنبيه الخلاّن على الإعلان بتكميل مورد الظّمآن في رسم باقي السّبعة الأعيان"، وهو شرح لمنظومة ابن عاشر المسمّاة "الإعلان"...
(***) الشّيخ أحمد بن أحمد بن أحمد بن محمّد بن أبي بكر الشّقانصي القرشيّ القيروانيّ (ت بين 1228 و1235هـ): من علماء القراءات. له عدّة مؤلَّفات، طُبِعَ منها: "عُمدةُ القارئينَ والمُقرئينَ". وله من المخطوط: "الحجّة الباهرة" – "نصرة أهل الإيمان والإسلام في تنزيه القرآن عن اللّحن" – "الشُّهُب الثّواقب" – "الأجوبة المدقِّقة عن الأسئلة المحقّقة".